كتب- أسامة عبد السلام:
أكد فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن مصر تحتاج الآن إلى رئيس توافقي، مشددًا على أنه لن يحدث في مصر تقدم إلا بتوافق كل القوى السياسية.
وقال فضيلته خلال حواره مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامج (90 دقيقة) على فضائية (المحور) مساء أمس: إننا عشنا مع نظام بائد ظلم مصر والمصريين، ولكن الشعب رفض هذا الظلم واسترد كرامته وحقوقه بيده؛ حيث قام النظام البائد بتفريقنا شيعًا إلا أننا جميعًا استقوينا بالله تعالى طوال أيام الثورة لمواجهة ظلم النظام البائد، وكنا نهدف توحيد الشعب المصري بمسلميه ومسيحيه في هذه اللحظة الفارقة.
أضاف: من يعطينا صوته يحملنا عبئًا كبيرًا ومسئولية ثقيلة يدفعنا للعمل بأمانة نحو تحقيق ما نرجوه لمصر، داعيًا كل فرقاء الوطن بجميع توجهاتهم وأطيافهم ومستوياتهم إلى التعاون من أجل مصر؛ لأن مصر وطننا جميعًا.
وأشار إلى أن مكتب الإرشاد كان في اجتماع دائم طوال أيام الثورة، وكان للإخوان مشاركة كبيرة في الثورة منذ بدايتها بدليل استدعاء أمن الدولة لمسئولي المكاتب الإدارية للإخوان منذ يوم 22 يناير، وتهديدهم من النزول إلى الميدان، ولكنهم أجابوهم إن الإخوان مع الشعب المصري دائمًا لم يتقدموا عليه ولن يتأخروا عنه.
وأضاف أنه تمَّ توجيه دعوة لكلِّ شباب الإخوان للتفاعل مع دعوات 25 يناير التي انطلقت من الـ"فيس بوك"، وكانوا في قلب الثورة بشهادة المنصفين، مؤكدًا أنه في يوم 28 يناير أصدرنا تعليمات بنزول كل الإخوان المسلمين؛ لحماية الموجودين في الميدان؛ حيث كانت ثورة يناير لحظة فارقة جاءت من عند الله، وشعبنا أراد الحرية، فكنا معه ولا يزايد أحد على الجماعة، موضحًا أن النظام البائد تعمَّد إفقار وإمراض الشعب المصري، وأفقدنا جميعًا الانتماء، ولكن عندما انتفض الشعب المصري كنا معه.
وقال فضيلته: "من يشعر بالندم ويريد التوبة عليه أن يرد أموال مصر التي سرقها، لكننا لن نعف عن قتله الشهداء؛ لأن ربَّ العزة يرفض السماح فيها إلا إذا سامح العبد"، موضحًا أنه بعد أن نجحت الثورة في إسقاط النظام البائد سعى المتربصون للوقيعة بين الشعب المصري بعد أن رأوا أنه يعود لصوابه، فحاولوا إثارة الفرقة بين المسلمين والمسيحيين والقضاة والمحامين.
وأوضح أن القوات المسلحة لها منَّا كل التقدير والاحترام بمحافظتها على الشعب المصري وثورته، على الرغم من أن الإخوان أكثر من أضيروا من جانب لواءات الجيش؛ حيث حوكموا أمام المحاكم العسكرية بعد تبرئتهم أمام المحاكم المدنية لعشرات المرات في ظلِّ النظام البائد بأحكام تتجاوز 20 ألف سنة سجنًا، لكنهم صبروا وخرجوا من السجون يحبون مصر وجيشها أكثر وأكثر، وهذا ما أكده رئيس الوزراء الأسبق عزيز صدقي بقوله: "نحن نأسف لشعب مصر أن حرمناه من مجهودات الإخوان المسلمين".
وأكد أن موقف الإخوان من المجلس العسكري واضح، إذا أحسن نقول له أحسنت وإن أخطأ سنقول له أسأت ونمسك على يديه، وإذا أبطأ سندفعه إلى الأمام حتى يلبي جميع مطالب الشعب المصري في الاتجاه الصحيح.
وأضاف أنه في المراحل الأخيرة رصدنا بعض الأخطاء من المجلس العسكري متعلقة بالتأخير في اتخاذ بعض القرارات قد يكون لديه أسبابه لكننا قمنا بواجبنا في تقديم النصيحة؛ لأن الدين النصيحة، مطالبًا المجلس العسكري باتخاذ قرارات سريعة لرفع الظلم الواقع على المصريين، وطمأنة الشعب بأنه يستعيد حقوقه فعليًّا، معتقدًا أن معدل إعادة شحن رصيد الثقة بالمجلس العسكري بدأ يزداد مجددًا.
وشدد على أن الحديث عن صفقة بين الإخوان والجيش يسيء الظن بنا وبالجيش؛ حيث إن الإخوان رفضوا وبكلِّ قوة إعطاء المجلس العسكري سلطات تفوق سلطات الشعب عن طريق ما تسمى بوثيقة السلمي؛ حيث لم نوافق مطلقًا على البندين 9 و10، مشيرًا إلى أن وثيقة السلمي الأولى وضعت توافقية مع القوى السياسية في أبريل الماضي في "حوار من أجل مصر 5" ثم أُدخل عليها ما يخالف إرادة واضعيها ولذلك رفضناها.
وأوضح أن الإخوان يقبلون بأي وثيقة بشرط ألا تكون حاكمة للدستور أو مكبلة للجنة وضع الدستور، وأن تكون استرشادية مثل وثيقة الأزهر الشريف، داعيًا كل عقل دستوري أن يفكر من الآن في أطروحات دستورية لكي يقدمها للهيئة الدستورية بعد تشكيل البرلمان اختصارًا للوقت، وتقديم الخير من أجل مصلحة مصر.
وأضاف أن الخلاف بدأ بين القوى السياسية بعدما تسرَّب حب الدنيا إلى نفوس البعض، ولا خلاف على الفصول الأربعة للدستور، والخلاف فقط على الفصل الخامس.
وأشار إلى أننا وعدنا دائمًا بالنزول إلى الميدان في حين تعطيل تسليم السلطة أو تأخير إجراء الانتخابات البرلمانية، ولم نعقد أي صفقات مع أحد حتى ولو كان مع المجلس العسكري أو غيره، وعدم نزولنا للميدان في الأحداث الأخيرة كان لحماية الانتخابات؛ حيث كان الهدف من استدراجنا للميدان إيجاد فتنة كبيرة بين الإخوان والشرطة العسكرية والداخلية؛ لزيادة لعدد شهداء التحرير وتحويل الميدان إلى دم.
وأضاف لقد أخذنا قرارًا لتخفيف الأضرار، وأرسلنا خطابات شديدة الحزم لكل المسئولين لوقف إطلاق النار بكلِّ قوة في محمد محمود، وحماية المعتصمين في ميدان التحرير، وتابع آلمني شكر د. عصام شرف لوزارة الداخلية على أدائها في الأحداث الأخيرة.
وقال فضيلته إنه كان هناك جهات سعت للاستفزاز المتعمد لنزول الإخوان ميدان التحرير بعد أن اغتاظت من مليونية جمعة 18 نوفمبر التي شهدت أروع المشاهد الديمقراطية، ولكننا رفضنا أن يتم استدراجنا لهذا الفخ، وآثرنا مصلحة مصر، كما نرفض تخويننا والمزايدة علينا بأننا بعنا دماء الشهداء، مؤكدًا أن الإخوان أسسوا 20 جمعية لرعاية أسر الشهداء والمصابين في كل المحافظات.
وشدد على أن الإخوان لا يريدون الاستئثار ولا المغالبة بل يريدون المشاركة في البرلمان المقبل، مشيرًا إلى أنهم أول من عرضوا فكرة القوائم المشتركة من أجل أن نقدم للبلاد انتخابات بطعم وروح التحرير، بالإضافة إلى أنني أعلنت قبيل الثورة وأثنائها أننا لن ننافس على الرئاسة.
وأوضح أن الشعب المصري الآن صاحب القرار بعكس الانتخابات الماضية، وانحاز في الانتخابات البرلمانية لمن يثق فيهم، ولن يستطيع أحد أن يُصَوِّتَ عنه أبدًا كما كان يحدث في العهد البائد، مشيرًا إلى أن انتخابات مكتب الإرشاد الأخيرة لم يعلم نتيجتها أحد إلا بعد إعلانها، كما أننا عرضنا التوافق على 45 من القوى السياسية لوضع قوائم تحالف واستجاب عدد منهم ورفض آخرون.
وأكد أن قوائم الإخوان أدخلت قبطيًّا وامرأة للبرلمان الجديد؛ وأننا وضعنا قواعد عادلة لا تحابي أحدًا لترتيب القوائم الانتخابية، فانسحبت تيارات وقوى، مؤكدا أن الإخوان رفضوا ترشيح أناس ليس لديهم شعبية؛ لأنها أمانة نحرص عليها أمام الله تعالى. |