قوله تعالى : قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ، ذكر في هذه الآية الكريمة : أنه قادر على تنزيل الآية التي اقترحها الكفار على رسوله ، وأشار لحكمة عدم إنزالها بقوله : ولكن أكثرهم لا يعلمون [ 6 \ 37 ] ، وبين في موضع آخر أن حكمة عدم إنزالها : أنها لو أنزلت ولم يؤمنوا بها لنزل بهم العذاب العاجل ، كما وقع بقوم صالح لما اقترحوا عليه إخراج ناقة عشراء ، وبراء ، جوفاء ، من صخرة صماء ، فأخرجها الله لهم منها بقدرته ومشيئته ، فعقروها وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا [ 7 \ 77 ] ، فأهلكهم الله دفعة واحدة بعذاب استئصال ، وذلك في قوله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا [ 17 \ 59 ] ، وبين في مواضع أخر أنه لا داعي إلى ما اقترحوا من الآيات ; لأنه أنزل عليهم آية أعظم من جميع الآيات التي اقترحوها وغيرها ، وتلك الآية هي هذا القرآن العظيم ; وذلك في قوله : أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم [ 29 \ 51 ] ، فإنكاره جل وعلا عليهم عدم الاكتفاء بهذا الكتاب عن الآيات المقترحة يدل على أنه أعظم وأفخم من كل آية ، وهو كذلك ; ألا ترى أنه آية واضحة ، ومعجزة باهرة ، أعجزت جميع أهل الأرض ، وهي باقية تتردد في آذان الخلق غضة طرية حتى يأتي أمر الله ، بخلاف غيره من معجزات الرسل - صلوات الله عليهم وسلامه - فإنها كلها مضت وانقضت .